تواجه العملية التربوية والتعليمية في القرن الحالي ضغوطا وتحديات فالانفجار المعرفي والسكاني وثورة الاتصالات وتطور وسائل الإعلام والتقدم التكنولوجي وما يرتبط به من سرعة انتقال المعرفة إنما تشكل عوامل تضغط على المؤسسة التربوية لتحقيق المزيد من الفعالية والاستحداث لمجارات هذه التغيرات بما يحقق مواكبة الحجم الهائل من المعرفة والمعلومات واستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب والأخذ بالأسباب والنظم والأجهزة التكنولوجية الحديثة وذلك من خلال الاستعانة بالوسائل التعليمية والتقنيات التربوية التي تمتلك قدرة كبيرة على مواجهة الضغوط والتحديات وتطويرا للعملية التعليمية.
وتعد الجغرافية من أكثر المواد الدراسية حاجة وطواعية لاستخدام التقنيات التعليمية في جميع المراحل الدراسية وذلك لأنها علم يتعامل مع بيئات المتعلمين ويحتوي على علاقات وارتباطات مكانية بين مختلف الظواهر على سطح الأرض والتقنيات التعليمية تساعد المتعلمين في ربط المعارف الجغرافية بواقع حياتهم وتكوين الاتجاهات الايجابية نحو البيئات والأجناس البشرية.
وعلى الرغم من فائدة التقنيات التعليمية وأهميتها في استثارة اهتمام المتعلمين وجذب انتباههم للدرس مما يزيد من تحصيلهم الدراسي إلا أن الأساليب المستخدمة في تدريس مادة الجغرافية في اليمن هي الأساليب القائمة على الإلقاء والتلقين من جانب المعلم والحفظ والاستظهار من جانب المتعلم دونما استخدام فاعل للتقنيات التعليمية.
ومن الوسائل والتقنيات التعليمية التي ارتأى الباحث دراستها ، الشرائح التعليمية والمجسمات وذلك لما لهما من دور فعال في نقل المعلومات وإيصالها للمتعلمين وتقريب الحقائق إلى أذهانهم.
وقد كشفت الدراسات والبحوث فعالية هاتين الوسيلتين في التحصيل الدراسي كل على حده ولكن لم تتناولهما معا ولم تقارن بينهما للتعرف على أكثرهما تأثيرا في التحصيل.
وبناء على ذلك فقد هدف البحث الحالي إلى معرفة أثر كل من الشرائح التعليمية والمجسمات في تحصيل طلاب الصف السابع الأساسي في مادة الجغرافية في اليمن وللتحقق من ذلك وضع الباحث الفرضية الصفرية الآتية:-
لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين تحصيل طلاب المجموعة التجريبية الأولى التي تدرس باستخدام الشرائح التعليمية وتحصيل طلاب المجموعة التجريبية الثانية التي تدرس بواسطة المجسمات واقتصر هذا البحث على طلبة الصف السابع الأساسي لمدارس التعليم العام في محافظة صعدة خلال العام الدراسي 2000 – 2001 م.
اتبع الباحث تصميما تجريبيا ضبط جزئي لمجموعتين تجريبيتين متكافئتين واختار مركز صعدة التعليمي بالطريقة العشوائية من بين المراكز التعليمية تمثل مجتمع البحث ومن هذا المركز اختار عشوائيا مدرسة السلام الأساسية لتمثل عينة المدارس ثم اختار عشوائيا شعبتين من شعب الصف السابع الأساسي في هذه المدرسة لتمثل عينة الطلاب.
بلغ حجم العينة بالشكل النهائي(60) طالبا موزعين على مجموعتين تجريبيتين بواقع (30) طالبا لكل مجموعة منهما ، درست المجموعة الأولى باستخدام الشرائح التعليمية في حين درست المجموعة الثانية باستخدام المجسمات.
وحرص الباحث على إجراء التكافؤ بين مجموعتي البحث في متغيري التحصيل الدراسي والمعرفة السابقة ولم تكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين في المتغيرين المذكورين.
اعد الباحث متطلبات البحث الحالي فعمل على تحديد المادة العلمية المقررة خلال مدة التجربة ثم صاغ أهدافا عامة في ضوء الأهداف العامة لتدريس مادة الجغرافيا بلغ عددها (12) هدفا وأعد أهدافا سلوكية في ضوء الأهداف العامة ومحتوى المادة الدراسية اعتمادا على المستويات الثلاثة الأولى من المجال المعرفي (المعرفة ، الفهم ، التطبيق) من تصنيف (بلوم Bloom) بلغت(80) هدفا ثم صمم الباحث (20) شريحة ومجسما واعد(16) خطة دراسية لكل مجموعة من المجموعتين التجريبيين على وفق متغيرات البحث.
ولقياس اثر استخدام الشرائح والمجسمات في التحصيل اعد الباحث اختباراً تحصيلا بعديا في ضوء الأهداف السلوكية ومحتوى الفصول الثلاثة الأولى من المادة الدراسية اعتمادا على الخريطة الاختبارية تألف من (40) فقرة من نوع الاختيار من متعدد في مستويات ( المعرفة ، الفهم ، التطبيق ) من تصنيف (بلوم Bloom) ، وقد تم إيجاد الصدق الظاهري وصدق المحتوى لهذا الاختبار بعرضه مع الأهداف السلوكية ونسخه من الكتاب المقرر على عدد من المحكمين ثم حللت فقراته واستخراج مستوى صعوبتها الذي تراوح بين(0.48-0.77) وقوة تمييز كل فقرة من فقراته التي تراوحت بين (0.33-0.74) بالمعادلات الخاصة بذلك وحسب معامل الثبات باستخدام معادلة بيرسون وقد بلغ(0.72) ثم صحح بمعادلة سبيرمان- براون فبلغ(0.83) .
استمرت التجربة(10) أسابيع درس الباحث خلالها مجموعتي البحث بنفسه وفي نهايتها طبق الاختبار البعدي على طلاب المجموعتين في وقت واحد ثم صححت الإجابات وعولجت إحصائيا باستخدام الاختبار التائي (T-Test) لعينتين مستقلتين.
وبعد تحليل النتائج ظهر تفوق طلاب المجموعة التجريبية الأولى الذين درسوا باستخدام (الشرائح التعليمية) على الطلاب المجموعة التجريبية الثانية الذين درسوا باستخدام (المجسمات) بفرق (دال) إحصائيا عند مستوى (0.05) وفي ضوء هذه النتيجة أوصى الباحث بما يأتي:-
1- زيادة اهتمام مدرسي مادة الجغرافية في مرحلة التعليم الأساسي باستخدام الشرائح التعليمية بوصفها تقنية تعليمية أثبتت فاعليتها في التحصيل الدراسي.
2- أن تعمل مراكز إنتاج الوسائل التعليمية في وزارة التربية ومديرياتها في المحافظات على إنتاج وتوزيع الشرائح التعليمية بما يلبي احتياجات جميع المدارس الأساسية.
3- زيادة اهتمام قطاع التدريب والتأهيل في وزارة التربية وأقسام التدريب في مديريات التربية في المحافظات بتدريب المدرسين على الاستخدام الأمثل للتقنيات التعليمية ومنها الشرائح التعليمية من خلال اشتراكهم في دورات تدريبية.
4- متابعة المشرفين التربويين أثناء جولاتهم الإشرافية لاستخدام المدرسين للتقنيات التعليمية.
5- أن تخصص كليات التربية في الجامعات اليمنية وقتا كافيا للجوانب التطبيقية للتقنيات التعليمية ضمن برامج إعداد طلبتها.
و استكمالاً للبحث الحالي اقترح الباحث إجراء دراسات أخرى مماثلة للدراسة الحالية على مراحل ومواد دراسية أخرى وعلى متغيرات أخرى غير التحصيل.